فسوق

فسوق

عبده خال

تحكى رواية "فسوق" قصة فتاة فقيرة اسمها جليلة تحب شابا فقيرا مثلها لكنه ليس سعوديا أصيلا، مما جعل أباها يرفض تزويجه منها، فظلت تلقاه سرا من وراء ظهر أهلها. وقد انتهى أمرها بالقتل ذبحا. لكنْ بعد دفنها بيوم اكتشف أبوها اختفاء جثتها من قبره، وبلغ السلطات، فنشطت الشرطة فى البحث المحموم عنها. ومن خلال هذا البحث يتم التعرف إلى سيرتها وسيرة أسرتها، والتعرض لأحداث وشخصيات متعددة، إذ انتهز المؤلف الفرصة فجعل روايته تخوض فى تصوير كثير من المشكلات الاجتماعية التى كانت الفتاة إحدى ضحاياها، إلى أن نكتشف فى النهاية أن جثتها قد خطفها القبَّار الذى كان فى صباه يتردد على بيت أسرة جليلة ويسهر معهم ويحظى بعطف أفرادها عليه بما فيهم هى، فيظن أنها تحبه، إلا أنه يقابَل بصدود شديد جعله يكتم حبه فى قلبه. ويظل يعانى القهر والحرمان فى صمت إلى أن تُقْتَل الفتاة وتُدْفَن فى المقابر التى كان يحرسها ويقوم بأمرها، فيستخرجها من لحدها ويضعها فى فريزر اشتراه لذلك الغرض حتى تحتفظ بحالتها التى ماتت عليها كى يستطيع، كلما أخرجها ليلا حين يختلى بنفسه فى مسكنه بالمقابر، أن يتأملها ويتحدث إليها ويبثها لواعج قلبه ويعبث بجسدها ويعطرها ويلبسها أجمل ما استطاع شراءه لها من ملابس. 

ويتم السرد فى العمل الذى بين أيدينا على لسان عدة أشخاص تتشابك رواياتهم لتقدم لنا رؤية لانعكاسات السلطة الدينية والعُرْفية على المجتمع، وإن كانت كل تلك الروايات تصب فى رواية خالد الضابط الذى انتهى إليه أخيرا ملف التحقيق فى تلك القضية. وتنحو الرواية منحى بوليسيا ظاهرا لم يكتف به المؤلف، بل زاد فغلف كثيرا مما يرويه بالغموض المفتعل الذى يرهق الذهن دون أن يكون له أية جدوى حتى ليأخذ القارئ وقتا طويلا قبل أن يفهم مجرى أحداث الرواية، وبخاصة أن محورها، وهو قتل جليلة ذبحا، قد تكرر مرتين، وظللنا متحيرين مرتبكين بين الأمرين لا نستطيع التمييز بينهما على مدار صفحات: الأول ذبح "جليلة" حبيبة محسن الوهيبى، والثانى ذبح "جليلة" بنت محسن الوهيبى نفسه. وعبثا ينظر القارئ عَلَّه يجد سببا يدفع المؤلف إلى انتهاج هذه التعمية وذلك التداخل، فضلا عن إيثار العتمة التى يبدأ بها كثيرا من فصول روايته، فلايجد. ومن تلك التعميات ابتداء طائفة من فصول الرواية بحوار غامض لا ندرى بين مَنْ ومَنْ إلا بعد الإيغال فيه. ولو كان هناك سبب فنى لهذا لكان له معنى. بيد أنه للأسف لا يوجد مثل ذلك السبب. إنها الرغبة فى الإبهار ليس إلا. كذلك أكثر المؤلف من شخصيات روايته وأحداثها دون لا لشىء سوى رغبته فى تناول كل شىء تقريبا، فكانت النتيجة أن اكتظت الرواية بأبطالها ووقائعها التى تسبب الدوار فى غير قليل من الأحيان. ولم ينفك اللغز الخاص باختفاء جثة جليلة إلا فى آخر الرواية (بدءا من ص238) بعد أن داخت الشرطة، ودخنا معها طوال أكثر من مائتى صفحة. 


لا توجد تعليقات


هل تبحث عن روايه سعودية معينه؟

سيساعدك موقع رواية في ايجاد الرواية التي تبحث عنها مع موضوعاتها وسيناريوهاتها والدراسات التي اجريت حولها